كشف موقع "ذا نيو لاين" الأمريكي عن انقسام جديد بين الطوائف الدينية في لبنان بين الشيعة والمسيحيين بسبب وسائل إعلام ساخرة ورسوم كاريكاتورية استفزازية تحولت من النقد السياسي إلى التحريض الطائفي.
وسلط الموقع الضوء على رسام الكاريكاتير اللبناني المعروف بـ"شربل كاريكاتور"، والذي أصبح محور جدل واسع بعد نشره سلسلة من الرسوم التي وُصفت بأنها مسيئة للطائفة الشيعية ورموزها الدينية والسياسية.
وبينما يؤكد شربل أن انتقاداته تشمل مختلف الأطراف، يرى عدد من المراقبين أن أعماله تستهدف بشكل خاص الطائفة الشيعية، في توقيت دقيق يتسم بحساسية أمنية وسياسية متزايدة.
الرسوم التي انتشرت بسرعة على مواقع التواصل الاجتماعي، صُوّر فيها رجال دين وشخصيات سياسية شيعية بأسلوب ساخر اعتبره البعض مهينًا، مما دفع إلى اتهامات بـ"التحريض الطائفي تحت عباءة حرية التعبير".
وقد أثارت تلك الرسومات موجة استياء عارمة في مناطق ذات غالبية شيعية، أبرزها الضاحية الجنوبية لبيروت ووادي البقاع، حيث اعتبر السكان ما نُشر إهانة مباشرة لطائفتهم.
وفيما تصاعدت الدعوات إلى مقاطعة الصفحات التي تروّج لرسوم شربل، طالبت أصوات شعبية وقانونية باتخاذ إجراءات رسمية لوضع حد لما وصفوه بـ"الفوضى الإعلامية التي تهدد وحدة البلاد".
عدد من رجال الدين الشيعة وصفوا الرسوم بـ"الاغتيال المعنوي لطائفة كاملة"، في حين دعا آخرون إلى عدم الانجرار وراء الاستفزاز، مشددين على أن الهدف من هذا النوع من التعبير قد يكون إشعال فتنة طائفية في بلد مثقل بالأزمات.
ورغم حدة الجدل، لم يصدر أي موقف رسمي من الحكومة اللبنانية، كما لم تُتخذ إجراءات قانونية بحق الرسام، ما فتح باب التساؤلات حول موقف الدولة بين الحياد والتواطؤ.
أما الكنيسة المارونية، فلم تُصدر بيانًا مباشرًا حول القضية، لكنها كانت قد شددت في وقت سابق على أن "حرية التعبير لا تبرر المساس بكرامة الآخر أو قدسيته"، داعية إلى الحفاظ على السلم الأهلي.
وفي ختام تقريره، حذّر الموقع من خطورة تجاهل تداعيات الرسوم الساخرة في بلد هش كلبنان، حيث يمكن لرسمة واحدة أن تفتح أبواب النار. وفي خضم صراع بين حرية التعبير واحترام المعتقدات، يُطرح السؤال الأبرز: هل يدرك الساخر خطورة قلمه؟ وهل تتحول السخرية إلى أداة إشعال لا إلى وسيلة توعية؟
لبنان اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بحاجة إلى إعلام مسؤول، لا إلى استفزازات قد تكتب فصلًا جديدًا في تاريخه المضطرب.